
قضية المفقودين والمخفيين قسراً… 40 عاماً من النضال والآلام
المصدر: GRAND LB
حسين زياد منصور
قضية لا يجب أن تنسى، عالقة في أذهان آلاف اللبنانيين الذين لا يزالون متمسكين ولو بأمل بسيط جداً بحقهم في معرفة مصير أبنائهم، فعلى الرغم من نهاية الحرب الأهلية عام 1990 والتي استمرت 15 عاماً وخلفت قتلى تجاوز عددهم الـ 150 ألفاً وحوالي 300 ألف جريح، فضلاً عن التهجير والنزوح اللذين طالا مئات آلاف الأشخاص، الا هناك 17 ألف شخص بين مفقود ومخفي، “ليسوا مجرد أرقام”، كما تقول رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني “فأسرهم وأحباؤهم ما زالوا ينتظرون”.
في العام 2018، أقر مجلس النواب قانون المفقودين والمخفيين قسراً، الذي يؤكد على حق الأسر بمعرفة مصير أبنائها، والاطلاع على المحفوظات الرسمية والتحقيقات، وبموجب القانون، تشكلت في العام 2020 هيئة وطنية مستقلة للبحث في مصيرهم.
وها هي الهيئة في معرض “خط زمني” يوثق 40 عاماً من النضال والأوجاع والآلام ومحطات مفصلية وشاقة وطويلة في سبيل الوصول الى حقهم في معرفة مصير أبنائهم وأحبائهم.
يضم المعرض الموجود في الطابق الأرضي من مبنى جريدة “السفير” في الحمراء، 150 محطة و255 وثيقة، الى جانب العديد من قصاصات الصحف وصور للمفقودين، اذ يحمل كل جدار من جدران المعرض، تاريخاً ومحطة تبدأ من 25 تشرين الثاني من العام 1982 وتنتهي في 2022 تاريخ عقد أول مؤتمر صحافي لـ”الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً”.
عاشور: سبب النضال إهمال القضية
وأعرب رئيس “الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً” بالإنابة، زياد عاشور، في حديث لموقع “لبنان الكبير” عن أسفه “لأننا لا نزال بعد 40 سنة نتكلم عن هذه القضية الانسانية من دون نتيجة، وصحيح الهيئة موجودة اليوم، لكن عمرها يقارب السنتين ونصف السنة فقط”، مؤكداً أن “سبب وجود الهيئة هو نضال عمره 40 عاماً من لجنة الأهالي، وسبب النضال هو الاهمال الذي تعرضت له هذه القضية التي تضم 17 ألف مفقود تركوا ولم يتم التطرق اليهم في العقد السياسي الجديد بعد الحرب الأهلية”.
أضاف: “هذا هو الواقع، لكن الاشارة الإيجابية فيه هو أن اللجنة خلال 40 عاماً، على الرغم من حصول العديد من الاخفاقات والإهمال والصعوبات التي واجهتها، اضافة الى العديد من النجاحات، تمكنت من انتزاع القانون 105/2018، الذي كان حلماً بالنسبة الى اللجنة والأهالي والمجتمع المدني الداعم للقضية، وبنتيجة هذا القانون تشكلت الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً والتي هي أصلاً ليست هدفاً بحد ذاته بل أداة من نوع خاص، لذلك تشكيل الهيئة منعطف في هذا النضال وحلقة من هذه السلسلة التي عمرها 40 سنة، وهي تعد محطة من محطات النضال وشكلت نجاحاً نوعياً في نضال لجنة الأهالي والمجتمع المدني”.
وعن الصعوبات التي تواجهها الهيئة، قال: “هناك العديد من الصعوبات، لجهة غياب مقر للهيئة ودعم يرقى الى مستوى القضية، اذ لا إقرار من السلطة في لبنان بهذه المسؤولية الأخلاقية، فالاهمال الذي نعيشه اليوم يجعلنا نتحسس أهمية الهيئة ويدفعنا الى أن لا نستسلم لهذا الواقع ومواصلة النضال، فنحن لسنا أعضاء في الهيئة وحسب، بل ناشطون لهذه القضية الأقدس في مجال حقوق الانسان في لبنان”.
ورأى أن المعرض “يجسد النضال وخلفية وجود الهيئة”.
حلواني: العمل دائم لتدعيم الهيئة الوطنية
وكانت حلواني شددت في حديث سابق مع موقع “لبنان الكبير” على وجوب “الوقوف الى جانب الهيئة واللجنة بمساعدة الصليب الأحمر الدولي، ويجب على كل المجتمع اللبناني الضغط لتفعيل الطريق وتسهيله أمام الهيئة الوطنية خشبة الخلاص لأهالي المفقودين من هذه الحالة التي يعيشونها، فهم لا يعرفون إن كانوا على قيد الحياة حتى وهذا أبشع ما في القضية، وهو ضروري كي يتمكنوا من اعادة تنظيم حياتهم واستكمالها، فوجع الانتظار الى جانب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية نتاج ذلك”، مؤكدة أن “العمل دائم في سبيل تدعيم الهيئة الوطنية التي تمتلك خطة”.
مندور: مجرمو الحرب لا يزالون موجودين
اما الصحافية والروائية سحر مندور فأوضحت في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “هذه هي القضية الوحيدة التي لا تزال تشير الى الحرب الأهلية والجرائم الناتجة عنها، وأنها ليست حرباً جرت في سحيق الزمن، انما جميع من ارتكب الجرائم خلالها من قتل وتهجير وتدمير وصولاً الى الخطف، لا يزالون موجودين ويحكمون”.
وقالت: “بالنسبة لي عاصرت الحرب كطفلة، لا يمكنني التعامل معها كأنها ماضٍ سحيق بسبب تواجدهم وعلى الرغم من محاولاتهم لمحو ماضيهم واستبدال واقعهم كرجال دولة بعد أن كانوا مجرمي حرب، فالقتيل سموه شهيداً ونسوه، وعن الدمار غنوا الأغاني وأعادوا الاعمار، لذلك تبقى قضية المخطوفين الرابط بين ما عشناه ومسؤولية الحكام، وهي تشبه حالنا نحن، كأشخاص حرمنا من تحقيق العدالة بحق كل من دمر وقتل، فهذه القضية هي الخيط الواصل لقصة الناس والبلاد وقضيتنا تحت هذه الجوقة الحاكمة المستمرة”.