
مخيبر: هناك حاجة للحقيقة والعدالة والمصالحة والاهم الارادة السياسية
المصدر: ليبانون فايلز
نظم المركز الدولي للعدالة الانتقالية طاولة مستديرة قبل ظهر اليوم في فندق "جيفنيور- روتانا" عن "حق المعرفة - اقتراح مشروع قانون المفقودين والمخفيين قسرا"، الممول من الاتحاد الاوروبي، شارك فيها ممثل وزير العدل شكيب قرطباوي مسعود نهرا، مقرر لجنة حقوق الانسان النيابية النائب غسان مخيبر، رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان السفيرة انجيلينا ايخهورست وممثلون عن الوزارات وهيئات المجتمع المدني السفير الاسباني خوان كارلوس ومشاركون من دول عديدة.
ترأس جلسة الافتتاح مدير المركز الدولي الشرق الاوسط وشمال افريقيا المركز الدولي للعدالة الانتقالية حبيب نصار مشيرا الى "ان اقتراح مشروع قانون المفقودين والمخفيين لم يكن ليرى النور لولا دعم الاتحاد الاوروبي والسفارة السويسرية في لبنان".
وأعلن ان عددا من هيئات المجتمع المدني والقضاة شاركوا في اعداد الاقتراح، اضافة الى خبراء محليين ودوليين وفي مقدمهم المحامي نزار صاغية الذي عمل على صياغة الاقتراح وبلورته مع الاخذ بعين الاعتبار الملاحظات المقترحة على المشروع من قبل بعض الجهات من بينها النائبان غسان مخيبر وزياد القادري والقاضية غادة عون ومارلين الجر ووزارة الشؤون الاجتماعية وممثلون عن جمعيات لبنانية وغيرهم. واكد ان الاقتراح لا يميز بين ضحية واخرى، وقد تم توزيعه على عدد من النواب ووزير العدل وهو الآن في طور التطوير والنقاش.
ثم تحدث ممثل وزير العدل مشيرا الى ان مجلس الوزراء اتخذ في بيانه الوزاري التزاما حاسما بحل قضية ضحايا الاختفاء القسري حلا نهائيا عبر انشاء هيئة وطنية، وقال: "تعمل الوزارة حاليا على صياغة مشروع مرسوم يتضمن انشاء مثل هذه الهيئة بصلاحيات واسعة ومشاركة فعالة من جميع المعنيين".
وأشار الى ان من الاسباب لهذا المرسوم، ان لبنان شهد في تاريخه الحديث حالات اختطاف واخفاء قسري وقعت على الاراضي اللبنانية وخارجها وقد شملت عددا كبيرا من الاشخاص الذين ما زال مصيرهم مجهولا، ومع انتهاء الحرب، لم يتمكن لبنان من ايجاد حل مرض لهذه الاوضاع وتحديدا لاوضاع المخفين وذويهم. نتج عن ذلك ابقاء المخفين قسرا وذويهم رهينة ماض لم تساعد قوانين العفو في تصفيته فيما بقي هؤلاء اسرى فيه، على نحو يؤدي الى استمرار معاناتهم في ظل لامبالاة المرتكبين".
وأعلن ان الحكومة قامت بمحاولات محدودة لتحديد مصير المخفيين، ابرزها انشاء لجنة للتقصي عن مصيرهم (2000) وهيئة تلقي شكاوي اهالي المخفيين (2001) واللجنة اللبنانية السورية المشتركة عام 2005 من دون ان تؤدي هذه الاجراءات الى كشف مصيرهم سواء عن طريق العثور عليهم في حال كانوا احياء او على رفاتهم".
وقال: "انطلاقا من كل ذلك، وعملا بالدستور الذي اعلن ان لبنان دولة ديموقراطية يتساوى المواطنون فيها، والذي أكد على الحرية الشخصية وعلى الحق بالحياة، كما اكد على التزامه بالكرامة الانسانية من خلال التزامه بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وبالمواثيق الدولية الصادرة، وعملا بالمعاهدات الدولية التي اقرها لبنان وعلى رأسها المعاهدة الدولية لحماية الاشخاص من الاختفاء القسري ومعاهدة مناهضة التعذيب. وعملا بارادة لبنان في تجاوز ماضيه وفي ارساء السلم الاهلي على اساس قيم حقوق الانسان والمساواة التي لا تصح معها نظرة مجتزأة للماضي، فقد بدا من الضروري معالجة قضايا المخفيين قسرا ووضع حد لمعاناة ذويهم".
بدورها، شددت السفيرة ايخهورست على اهمية النقاش في اقتراح مشروع قانون المفقودين والمخفيين قسرا، معتبرة ان هذه القضية تشكل ظلما يجب ان يصحح، ودعت الى السير قدما باتجاه توفير الاطار القانوني الضروري من اجل حق المعرفة ومن اجل اعطاء الحق".
وقالت: "من المهم للبنان والبوسنة والهرسك وغواتيمالا وغيرهما من الدول التي عانت النزاعات ان تولي هذا الموضوع الاهمية القصوى"، لافتة الى ان الاتحاد الاوروبي "حاول السير قدما في لبنان في هذا الموضوع ولم يحقق النتيجة المرجوة ولا سيما مع الحكومة". ودعت لبنان الى ان يعتمد الاتفاقية الدولية لحمايةالاشخاص من الاختفاء القسري، آملة ان يتمكن مجلس النواب من تحقيق تقدم على صعيد القضية المطروحة اليوم.
اما رئيس فريق العمل لدى الامم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري او غير الطوعي جيرمي ساركن، فدعا الى المضي قدما في مسألة معرفة الحقيقة والتعاطي مع ماضي لبنان بالنظر الى الحقيقة والاستناد الى الركائز الاساسية في هذا المجال. ورأى ضرورة النظر الى العدالة الانتقالية بشكل شامل، مذكرا بأن لكل دولة في العالم التزامات دولية يجب ان تحترمها وان تمتثل لالتزاماتها الدولية".
ورأى "ان لبنان مضطر الى الالتزام بالاتفاقية الدولية المعنية بالاشخاص المفقودين والمخفيين وذلك للحماية من كل اشكال الاختفاء القسري. واعتبر "ان الاختفاء القسري انتهاك مستمر لحقوق الانسان ولن ينتهي الجرم بشأنه الى حين تحديد مصير الضحية"، لافتا الى انه "ما من تقادم للزمن في جريمة الاختفاء القسري."
وأكد "ان ما من هدف مشروع او ظروف استنثائية يمكن ان تزيل الحق في معرفة الحقيقية، وعلى الدولة ان تطلق التحقيقات لمعرفة الحقيقة كما يمكن نبش الجثث وخضوعها للفحوصات اللازمة للوصول الى الحقيقة فضلا عن تأمين الارشيف واتخاذ كل التدابير المطلوبة. ورأى ان الامر لا يجب ان يقتصر على النتائج فحسب بل لا بد من اطلاع الرأي العام على النتائج التي تم التوصل اليها.
وشرح المستشار القانوني في اللجنة الدولية للصليب الاحمر خالد غازي عمل اللجنة في بعض الدول والنتائج التي توصلت اليها بالنسبة لموضوع الاشخاص المفقودين والمخفيين قسرا وعرض للقانون الدولي الذي يلزم الدول التعاطي مع الموضوع بشكل جدي والذي يوفر الحماية والمساعدة لمعرفة مصير المفقودين.
مخيبر
وترأس النائب مخيبر جلسة بعنوان " لبنان وحق المعرفة"، قال فيها: "امام مجلس النواب اقتراح قانون تقدم به الزميل النائب حكمت ديب ويتوقع قريبا ان يكون امام مجلس الوزراء مشروع مرسوم لانشاء هيئة وطنية تعنى بشؤون المفقودين وضحايا الاختفاء القسري يعمل على وضعه وزير العدل".
وتقدم النائب مخيبر بمجموعة من الملاحظات المبدئية التي ترتبط بخيارات تشريعية وكيفية مقاربة ازمة الاختفاء القسري. وقال: "المسألة الاولى تتعلق بأهداف التدبير او القانون وما هو المدى الذي يعمل عليه القانون، لافتا الى ان مسودة الاقتراح التي بين ايدينا عن المفقودين والمخفيين قسرا التي وضعتها وزارة العدل تقتصر على توفير الحق بالمعرفة، وهو هام جدا، دون الحقوق الاساسية الاخرى والضرورية لمعالجة نهائية وكاملة لقضية الاختفاء القسري".
ولفت الى "أن ما نحن قادمون عليه يتعلق فقط بالخطوة الاولى اي المستوى الاول على اهمية وهو هام جدا، دون الخطوات الاخرى التي اكتفي بتعدادها فقط للتذكير، اي العدالة في اقسامها الثلاث الاساسية، تحديد المسؤوليات، انزال العقوبات والتعويض.
وقال: "نحن واعون ومقدرون بأننا نخطو الخطوة الاولى المتعلقة ب"الحق في المعرفة"، اما مستويات الحلول فهي مستوى المصالحة الضرورية"، معتبرا ان "الكلام عن الحق في المعرفة دون العدالة ودون الكلام في المصالحة ايضا يتطلب مناقشة وخيارات وصولا الى النقطة الاخرى، وهي مسألة الردع اي ضمان عدم تكرار هذه الجرائم، مؤكدا ان تحقيق هذا الامر يكون بادخال احكام صحيحة وكاملة في قانون العقوبات اللبناني لتجريم جرائم الاخفاء القسري".
وتابع: "المسألة الثانية المطروحة في هذه المقاربة هو تحديد من هم الضحايا المعنيون اي من المعني بالتدبير، هل هم ضحايا الاختفاء القسري او المفقودون، هذه مسألة نعيد طرحها لانها اثيرت وقد حسمها اقتراح القانون المطروح اليوم للنقاش لان يشمل الحالات الاوسع".
اضاف: السؤال الثاني الذي يطرح ايضا من المعني؟ وهل نعني بذلك اللبنانيين فقط او جميع من فقدوا على الارض اللبنانية، وبالتالي هل نميز بين مخفي وآخر".
وقال: "المسألة الثالثة والمتعلقة بالمعنيين مسألة فرضية بقاء المفقود على قيد الحياة، وبالتالي البحث عن الشخص المعني وتأمين بقائه على قيد الحياة قبل البحث عن الرفاة وعن الادلة ما بعد الوفاة مثل ال "دي.ان.اي" وغيرها".
وتابع: "اما السؤال الثالث المطروح فهو الاداة القانونية، مشيرا الى ان "النظام التشريعي كاف اذا توفرت الارادة السياسية، انما نحتاج ايضا لاستكمال المنظومة التشريعية".
وأعلن ان المسألة الرابعة تتعلق بهيئة وطنية، آملا بانشاء هيئة وطنية فعالة، لافتا الى مقاربات مختلفة لكيفية ادماج الهيئات الرسمية المختلفة والتعاون مع ذوي الضحايا وهيئات المجتمع المدني المتخصصة في هذا المجال.
اما المسالة الخامسة فتتعلق بحق المعرفة بالذات الذي هو الموضوع المباشر للقانون،
والمسألة السادسة عن المقابر الجماعية، وقال: "ان مسألة نبش المقابر ليست تقنية فقط، اذا أن القرار يفترض ان يكون مؤسسا على ارادة سياسية واضحة، في ما يتعلق باي مقبرة جماعية تفتح او كيف تفتح".
وقال: "ثمة كم كبير من المعلومات المتعلقة بالمفقودين والمخفيين قسرا، ويجب الافصاح عنها لانها قد تشكل الخطوة الاولى في اتجاه التحقيق الجدي"، مشددا على "حماية المعلومات والافراد الذين يكشفون عنها".
وختم مخيبر بالقول: "اذا كانت الحاجة الى حقيقة وعدالة ومصالحة فالارادة السياسية هي الاقوى"، مؤكدا الحاجة الى التعاون بين السلطات الرسمية المعنية في مجلس نواب والوزارات والقضاء انما ايضا مع هيئات المجتمع المدني المتخصصة والهيئات الدولية المتخصصة".
وقدمت مداخلات لعدد من المشاركين، فتحدثت لين معلوف عن قضية المفقودين كما عرضت وداد حلواني عن لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان لمشروع قانون يشرع حق المعرفة بالنسبة الى العائلات، وقالت: "الأهم هو الوصول الى الحق بغض النظر عن "الاسم والشكل"، معتبرة أن القانون المقترح يشكل "قوة مانعة للتلاعب أو التهرب أو التخويف".
من ناحيته، شدد رئيس لجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين (سوليد) غازي عاد على أن اقتراح مشروع قانون المفقودين والمخفيين قسرا يشمل جميع المخفيين قسرا، بمن فيهم المعتقلون في السجون السورية.